![]() |
العبق الفردوسي !
لم يألف الأشمَّ والخضَمَّ –وإن وجد بهما بعضَ الأُنْسِ والسُّرورِ والبهجة- ، وظل الحنين ينازعه إلى مغاني طفولته ، وملاعب صباه ! لم يطق الصبر أكثر ، وفي إحدى الليالي ركب سيارته ويمم وجهه شطر مغاني طفولته ، وعندما تعالى الضحى كان في الشارع الرئيسي الذي عن يمينه المنازل والمغاني . انعطف يمينًا ، عند أول منعطفٍ يؤدي إلى وسط الحي الذي كان يقطنه ، ثم ترجل من مركبته ، وبدأ السَّيْرَ متمهِّلًا ، متأمِّلًا ، متذكِّرًا ساعات أجمل ، وأنقى عهد ! عاج على منزله وخطى خطوتين إلى الداخل ، ثم وقف ونظر إلى نافذة المطبخ المطلة على الفناء الضيق ، التي يُخبِّئُ بعض لعبه فيها لعلوِّها ، ثم مضى إلى يساره مباريًا الحائط الأبيض القصير –الذي يفصل بين الفناء والممر- ، الذي يجعلونه مرمىً لكرة القدم . دلف إلى الفناء الواسع ذي الحيطان المطلية باللون الأبيض ، والأسقف المرصوفة بالخشب المطلي باللون الأزرق والأبواب الخشبية المطلية باللون البني . أجال ناظره في الفناء الواسع فعن يمينه المطبخ ، ثم باب خشبي يؤدي إلى غرفة النوم والصالة ، والمجلس الذي يقيم فيه مآدب النجاح ، والمناسبات السعيدة ، وضيافة أصحابه ، ثم العريش الشمالي والغربي ، الذي ينام فيه في فصل الشتاء ، ليبهج ناظره وسمعه بالبرق والرعد ، والغيث المنهمر ، والعصافير التي تخرج من أوكارها في التجويف الخشبي بأعلى العمود . يليها غرفة التلفاز ، ثم المستودع ، ثم الدرج المؤدي إلى السطح ، توقف قليلًا ثم صعد الدرج ،ومضى إلى السطح وجال فيه ودموعه تنهمر على وجنتيه ! بجانب الباب عن يمينه مصطبة كان يلوذ بها كثيرًا عندما ينتابه الشجن ، وفي سقف الدرج كان يضع طنفسة ويمضي بعض الوقت فيها يتأمل ، ويسرح مع أحلامه وأمانيه ! صعد المصطبة ، ونظر إلى بيوت الحي ، ثم ثبَّتَ بصره على أحدها ، وقال : عندما تَهُبُّ الرياحُ أتَعَرَّضُ لها ، لعلها تَأْخُذُ بعضًا من الحنين الذي أَنْهَكَ قلبي ، لتُلقيه في قلبكِ ، لتَشْعُري بما أُكَابدُهُ من الحنين إليكِ ، فتعطفي ، وترأفي ! ثم نزل ، وجال في السطح المقسم إلى أربعة أقسام ، وجال في الغرف الثلاث فيه ، ووقف عند الغرفة الأخيرة ، وتبسم عندما تذكر عندما كان يضعُ العلمَ في آخر الزاوية منها ، وكاد يسقط ، لولا أن الله سلم ! نزل من السطح ، ونظر إلى الغرف الثلاث عن يمينه ، ثم دلف إلى الغرفة الأخيرة التي تؤدي إلى الفناء الخلفي (الغربي) ذي الثلاث نخلات ، وجوافة ، وكينة –يصطاد الطيور التي تأوي إليها- ، وتينة ، وخم دجاج وحمام ، وغرفة مسقفة بالطين والجريد ! تبسَّم ، عندما تذكر عندما غاب عن الحي بضعة أسابيع ، ثم عاد ، فاستقبله أترابه بالحفاوة والترحيب وأهدوه بعض ألعابهم ! كان يجول في المنزل ، ودموعه تنهمر ، والحنين تصطخب أمواجه مع كل ذكرى ، ولم يستطع نظم بيت ، ولو استطاع لاحتاج لمائة بيتٍ –على الأقل- لوصف ما يعتلجُ بقلبه ! خرج من الباب الأحمر الكبير ، الجنوبي الغربي ، واتجه إلى المنزل الذي أودع قلبه فيه ، ودلف من الباب الأخضر ، واتجه إلى شجرة الليمون في آخر الفناء الشمالي الشرقي ، ووقف أمامها ، ... يتبع ... |
رد: العبق الفردوسي !
قصة رائعه تحكي عن ذكرياتك
وايامك الجميله وكل الفصول التي شهدتها في صغرك وفي شبابك استمتعت في مروري هنا عبر حروفك لك الختم مع التكريم |
رد: العبق الفردوسي !
طرح جميل وجهود مميزه
يعطيك العافيــة على هذا الابـــــداع خالـــص شكــري وتقديـــري |
رد: العبق الفردوسي !
طرح مميز جدآ ورائع
لقد احسنت بذلك لك شكري وامتناني |
رد: العبق الفردوسي !
أبدآع مرفق مع متصفحك
يعتلي القمة ..~ رسمت لنا للآبدآع صورة تميزت ألوآنها سلمت الانامل ويعطيك العافيه |
رد: العبق الفردوسي !
,’
أحتار ما أنسج هنا .. قصه رائعه كروعتك . . في النهاية : لا أملكُ سوى كلمة .. الصمتُ في حضرة الجمال جمال ) ... حقاً و صدقاً ) .. ب إنتظآر جديدك وعذب أطروحآتك |
رد: العبق الفردوسي !
http://a-3amry.com/up/uploads/163791518367121.gif
حرف من نور ونسج من خيال الابداع كان جميل حرفك وجمال حسك نمتن لمشاركتنا هطلك الأخاذ وبشوق لجديدك المفعم بالجمال سلمت الاكف http://a-3amry.com/up/uploads/163791518390962.gif |
رد: العبق الفردوسي !
عبد العزيز :720: اشكرك علي هذه الخاطرة الرائعة كروعتك وعلي كل هذه المشاعر المميزة كتميزك كلمات ومشاعر راقت لي لرقيها ورقيكم لا حرمنا الله من تواصلكم ورقي العطاء احترامي وتقديري لكم |
رد: العبق الفردوسي !
ابذعت ايما ابداع ... الله يعطيكم العافية ... سرد جميل جدا و رااائع .. دام هذا التميز و الابداع .. .. تسلم الايادي ... باقة ورد .. الامير سالم .. |
رد: العبق الفردوسي !
ممتنٌّ لكم جميعًا .
|
الساعة الآن 12:12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.